الاثنين، 16 يوليو 2012

الفساد ورياحه العاتية...

يبدو أن التسونامي الذي ضرب سواحل البحر الأبيض المتوسط بتيار الانتفاضات الشعبية الثائرة ضد الفساد قد بلغت رياحه العاتية الأراضي السودانية وأصبح ما كان يدور بالامس في شكل تساؤلات سرية عن حجم الفساد في السودان وذلك الذي فاحت رائحته عبر أخبار ما سمي بالخصخصة (وأجنبة الممتلكات العامة للدولة لصالح المستثمر الأجنبي) وتقارير المراجع العام صوت الضمير الأوحد الذي تبقى لمؤسساتنا المدنية التي تسعى جاهدة للتخفيف من رياح الفساد العاتية التي تجتاحها باستمرار والتي لم تترك قطاعا ولا مؤسسة ولا هيئة إلا واجتاحتها (هيئة هيئة ومؤسسة مؤسسة وقطاع قطاع).
الثابت في أسباب الثورات الشعبية في حوض البحر الأبيض المتوسط الأفروعروبي هو كثرة الحديث حول ثروات الأسر الرئاسية وما كان يدور همسا وسرا أصبح العديد من المنتديات الأسفيرية والثقافية والسياسية وعلى الصحف تتحدث عنه بصور مختلفة إلا أنها جميعها لم تستطع أن تلم بالحجم الحقيقي للفساد فالآلة الاعلامية والتهديدات القانونية تقف دوما في وجه كل من يقترب من الحقيقة. والشاهد كذلك أن من تسبب في هذا الجدل الكثيف تصرفات أقرب المقربين من ذوي القربى الرئاسية ففي مصر مثلا تسبب ابني الرئيس المخلوع مبارك جمال وعلاء في إثارة السخط الشعبي على المجاهرة في الفساد والعلو فيه بصورة أقل ما يقال عنها السفور لدرجة التوريث الرئاسي. وفي تونس علا شأن زوجة الرئيس التونسي المخلوع بن علي وأصهاره حتى طمعوا في وراثة الزوجة لزوجها حيا ليس في ثروته فحسب بل حتى في الرئاسة وبدأوا في الخطوات العملية لذلك.
في ليبيا رغم تحسن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتوفير النظام الليبي لغالبية الخدمات والهبات والمنح والقروض الميسرة لأبناء الشعب الليبي إلا أن أبناء (القائد) الأممي حكيم حكماء العرب و(ملك ملوك إفريقيا) صاحب الزنقة الحالية قد تسببوا في الكثير من غضب الشعب الليبي وتمرده علي الظلم والقهر فافنجرت الأوضاع بصورة أكثر عنفا ودموية مما حدث في تونس ومصر.


ولما لم يكن للرئيس السوداني أبناء يفعلون فعل بني مبارك ولا أصهار بن علي فقد تولى أشقائه إثارة هذا الجدل الكثيف حول أقاويل الفساد والتسلط والمحسوبية.. لقطا دار لفترة من الزمن سرا.. ثم صرخ جهرا.. حتى أجبر الريس على الإعتراف بوجود الفساد بعد أن كان مستشاريه يصرحون ليل نهار بأنهم قدموا أفضل أبناء الشعب (الفضل) وأن عضوية المؤتمر الوطني تعتبر من أطهر أبناء الشعب السوداني ثم بدأوا في التعديل (بشيش بشيش) في أن الفساد موجود لكنه لا يشمل القمة كما في تونس ومصر ثم يروجون بسذاجة مثبتة للفساد وكان الشعب كله فاسد! بأنهم قد شبعوا وأنهم أفضل مما يأتي آخر يبدأ من جديد، أيحسب هؤلاء أن حواء السودان لم تنجب إلا مفسدون أمثالهم؟!! الحوارات الأخيرة مع أشقاء الريس وبدون وعي منهم قد أثبتت بما لا يدع مجالا بالشك أن ثمة شبهات كبيرة جدا في الفساد الرئاسي ولتناول بعض مما جاء به أخوان الريس أنفسهم ولا دخل أبدا لمعارضين أو مخربين أو (مهلوسين ومقملين) في الأمر، ولنبدأ باعترافات شقيق الريس اللواء عبد الله حسن أحمد البشير والذي أفاد في حوار أجرته معه جريدة السوداني بإفادات خطيرة جدا تتجسد فيها المحسوبية والفساد في أبشع صورهما: الاعتراف الأخطر والذي يضع علامات استفهام كبيرة جدا لن تزول إلا بعد زوال نظام الريس هو اعتراف وتصريح شقيق الريس بعلاقته بالوزير الإماراتي السابق والفاسد محمد بن خرباش وجاء في إفادة شقيق الريس الآتي: (.... وقابلت بن خرباش بصفته وزير مالية، لو كنت زول تاني تفتكري كنت هأقدر إنو أقابل الناس ديل، وفي ثلاثة أيام أنا قدرتا أقنع خرباش ده إنه يجي السودان... عمل بنك الإمارات وبنى الفلل الرئاسية وواحة الخرطوم....) فمن هو بن خرباش هذا عزيزي القاريء؟؟ هو الدكتور محمد خلفان بن خرباش وزير الدولة بالمالية الأسبق في إمارة دبي ورئيس مجلس إدارة بنك دبي الإسلامي والمتهم بجرائم اختلاسات مالية وفساد من قبل النيابة العامة بإمارة دبي وإليك عزيزي القاريء نفحة من أخبار هذا (الشيخ) الفاسد الذي دخل إلى بلادنا عن طريق شقيق الرئيس عمر حسن أحمد البشير والله وحده أعلم بما فعله ببلادنا وأهلنا بقولو (الما فيهو خير في أهلو مافيهو خير للناس) جاء بتاريخ 16/5/2010 في إحدى الصحف الإماراتية الخبر التالي (تعاود دائرة جنايات دبي الثانية برئاسة القاضي السعيد محمد برغوث الاحد النظر في إحدى قضايا الفساد المالي بشركة ديار العقارية والتي تتهم فيها النيابة العامة كلاً من محمد خلفان بن خرباش وزير الدولة للشؤون المالية الرئيس السابق للشركة وكذلك مدير عملياتها السابق وهو فار من وجه العدالة بحسب صحيفة الإتحاد الإماراتية الصادرة الاحد) وورد بخصوص نفس الرجل الفاسد على قناة العربية الآتي: (اختلاس 100 مليون درهم)، وقال النائب العام لدبي عصام الحميدان في تصريحات خاصة لقناة العربية اليوم الأربعاء 8-4-2009، إن النيابة العامة وضعت الأدلة على التي توصلت إليها بشأن المتهمين في قضية "ديار" ضمن ملف القضية الذي تم إرساله للمحكمة، مشيراً إلى أن العقوبات التي تتضمنها مواد القانون تتراوح بين 3 سنوات بحد أدنى بينما يصل الحد الأقصى للعقوبة إلى 15 سنة، وذلك وفقاً للمادة 225 و227 من القانون الإتحادي رقم 3 لسنة 1987).


فمن بين كل شرفاء دولة الإمارات العربية المتحدة المعروفة بشفافيتها وقوانينها الصارمة تجاه كل أساليب الفساد خاصة المالي منه لم يجد شقيق الريس إلا هذا الرجل الفاسد بن خرباش وفي وقت قليل جدا نجد أن الرجل (بن خرباش) قد قام بعدد من المشاريع الإستثمارية بالسودان أهمها ما جاء على لسان شقيق الريس د. عبد الله حسن أحمد البشير حيث أفاد بأن بن خرباش قام بالآتي:
1- بناء الفلل الرئاسية.
2- بناء واحة الخرطوم.
3-أسس بنك الإمارات.
لكن ما لم يقله شقيق الريس أن الفلل الرئاسية التي يدعي أن بن خرباش قد قام ببنائها قد كلفت مبلغ (35 مليون دولار) حسب جلسات المجلس الوطني عندما أثار أعضاء التجمع الوطني قضية بناء فلل رئاسية للقمة الإفريقية والعربية علي حساب المواطن السوداني.

أيضا ما لم يقله في بناء الواحة هو أن عدد كبير من أبناء السودان قد تم بيع أسهم لهم بالملايين منذ التخطيط لبناء الواحة في بداية التسعينات إضافة إلى التغول على ممتلكات الشعب السوداني وإعدام ميدان الأمم المتحدة وكل الأراضي من حوله لصالح جهات معينة بالتنسيق مع والي الخرطوم السابق المتعافي وتم تطمين المساهمين حينها ببناء مكتبة القبة الخضراء وحفر حفرة ضخمة لزوم التطمين ببداية المشروع والتي تحولت لسنين طويلة لمستنقع للضفادع والقاذورات خاصة أيام الخريف مع بعض (الزفات) التي تتقدمها عربات النجدة إحتفالا بقدوم الدفعات الأولى من مواد البناء وتحديدا (السيخ) والذي أدى مهام أخرى على ما نظن. ثم فجاة ظهرت وساطة شقيق الريس وإقناعه لبن خرباش بالإستثمار في السودان ووجد الرجل فيما يبدو بيئته التي يحبها ويعشقها فهجم بنهم وعنف وشغف لا حدود له فأسس بنك الإمارات ثم سال لعابه أكثر فدمج بنكي الإمارات والخرطوم ثم أصبح رئيس مجلس إدارة بنك الخرطوم وهنا تخوف الوطنين والشرفاء من ضياع الحقوق والبنك خاصة أن بنك الخرطوم ضاربة جذوره ويعتبر من أكبر المصارف الوطنية خبرة وسمعة ونزاهة ولدي بعض الملاحظات الأخرى على حديث شقيق الريس أذكر بعض منها هنا على عجالة:
التحاق شقيق الريس بالقوات المسلحة:
• فالرجل على الرغم من حداثة انتمائه للقوات المسلحة إلا إنه يشغل منصبا رفيعا جدا هو لواء في الجيش في حين أن الكثيرين من حملة هذه الرتبه الرفيعة قضوا سنين عمرهم الطويلة والشاقة وتعرضت حياتهم للكثير من المخاطر في الحروب إلى أن وصلوا إلى هذه الرتبة.. ويفيد هو بنفسه أنه لم يعود إلى السودان إلا في العام والتحق بالقوات المسلحة بعد ستة سنوات من عودته فهل يعقل أن يترقى بهذه السرعة المهولة ليصل إلى رتبة اللواء ما لم يكن شقيق الريس؟؟!! الجمع بين أكثر من وظيفة (حكومية) مع بعض الـ(شغلات) لهيئات (حكومية) جاء بالنص طيب شوفي يا ستي أنا باخد من القوات المسلحة كضابط زي (1400) جنيه وباخد من مركز القلب حوالي (6000) جنيه ومن شيكان باخد حوالي (1400) جنيه يعني مرتبي كله زي (8.5) مليون بالقديم.. وعملنا بعض الشغل كنت ماسك الموارد في الهيئة الخيرية وعملنا شغل للهيئات الحكومية ودي بناخد قصادها زي 2 أو 3 مليون في الشهر يعني إحنا بنلقطا والحمد لله.

• هنا تحدث شقيق الريس عن عمله في أكثر من وظيفة -ضابط في القوات المسلحة ومديرا لمركز القلب إضافة إلى عمله في شيكان ولا أدري عنه بالضبط ما هو؟!! بالإضافة للهيئة الخيرية التي لم يسمها هي الأخرى وربما كانت الهيئة الخيرية لدعم القوات المسلحة! وفي كل واحدة من هذه الوظائف يتلقى راتبا محترما إضافة إلى (التلاقيط الأخرى) مثل بعض الهيئات الخيرية!! إضافة إلى (بعض الشغل) للهيئات الحكومية. وهنا تبرز استفهامات قوية لن تجد أبدا إجابات شافية مثل كيف يشغل موظف حكومي أكثر من وظيفة رفيعة ويتقاضى مقابل ذلك رواتب من الدولة؟!! هل قوانين الخدمة المدنية في السودان تبيح ذلك؟؟!! غالبية السودانين دائما ما يتساؤلون عن الجمع بين أكثر من وظيفة لدى أصحاب الولاء الإنقاذيين وهذا قمة الفساد في حين توجد في البلاد جيوش من العطالة من الشباب أفادت آخر الإحصائيات أن عددهم تجاوز الـ (11 مليون) عاطل هذا غير الذين اضطروا إلى الهجرة والإغتراب خارج الوطن لا بسباب سياسات التهجير المدروسة من قبل النظام ووباء العطالة والغلاء الفاحش للمعيشة. ثم ما هذا (الشغل) الذي يقوم به شقيق الريس لهيئات حكومية ويتقاضى معه (تلاقيط) تزيد من دخله وأسرته؟؟!! وهل كل مواطن سوداني في مقدوره القيام بمثل هذه (التلاقيط)؟!! 

• ظاهرة الجمع و (الدمج) لأكثر من وظيفة ليست قاصرة علي شقيق الريس عبد الله فقط فشقيقه علي حسن البشير كذلك حظي بأكثر من منصب رفيع في شركات سوداتل وجياد والتصنيع الحربي وربما كان ما خفي أعظم ولكن رغم ذلك فشقيق الريس عبد الله لا يرى في الأمر شيئا تماما مثل شقيقه الذي استولى على مسشتفى كوبر الحكومي فهو يرى كذلك أن الأمر عاديا لأنهم (أخوة الريس) إنما ينصرون (المظلوم) بوجودهم داخل هذه المجالس والمظلوم هنا عزيز القاريء هو شركات بحجم سوداتل والتصنيع الحربي وبنك الأسرة وجياد؟!! تأمل ولا تتعجب عزيز القاريء في رأي شقيق الريس محمد حسن البشير (قد تكون بعض الشركات تسعى إلى حماية نفسها من منافسة غير متكافئة تتوقعها)!!! لا تعليق.

• أما قصة مستشفى كوبر فهذه شأن آخر في انتهاك حرمات المال العام فمستشفى كوبر الحكومي لم يكن يقدم خدمات صحية للمنطقة وكانت تكاليف علاجه عالية جدا ولا يستطيع إنسان المنطقة تحملها فلذلك رأي (شقيق الريس) أن تؤول ملكية المستشفى للمنظمة التي يدريها هو منظمة المعارج (الخيرية) ومن ثم يكن له الحق في استثمارها عن طريق مستشفى الأمل مع توفير التأمين الصحي لسكان المنطقة!!

• أولا نقول لمحمد حسن أحمد البشير أن الأراضي السودانية ليست ملكا لمحمد حسن أحمد البشير ولا لأخيه الذي استولى علي السلطة بالقوة ليلا.. بل هي أراضي تتبع للشعب السوداني صاحب الملك الأول.

• فشل مستشفى كوبر عن تقديم الخدمات الصحية للمواطنين يرجع في المقام الأول لفشل أخيه الذي عندما استولى علي السلطة كانت كل المستشفيات الحكومية تقدم العلاج مجانا للمواطنين وكان متوفرا لدرجة أن الشفخانات في الأحياء والقرى يوجد بها الكادر الطبي والإمداد الطبي الكامل من دواء ومعدات.
• فشل المستشفى وكل المستشفيات الحكومية هو نتاج فشل أخيك عمر حسن ولا يجيز لك الاستولاء علي أرض المستشفى.
• تابع عزيز القاري هذه الفقرة من الخطاب الذي أرسله شقيق البشير إلى جريدة الوطن لتبرير استيلائه علي المستشفى الحكومي بكوبر:
• أيهما أجدى التأمين الصحي أم المستشفى الحكومي؟
• ذكرتم في عددكم الصادر يوم 20/1/2007 أن المستشفى ينبغي إعادته لسكان كوبر أو بناء مستشفى جديد، ونقول أيهما أجدى أن يظل المستشفى مستشفاً خاصاً يتمتع فيه جميع سكان كوبر بالتأمين الصحي الشامل الذي يشمل عمليات تكلف ملايين الجنيهات لا يدفع المريض منها سوى تكلفة ربع الدواء أم مستشفى حكومي يتم علاج سكان كوبر فيه بالتكلفة الكاملة تدفع من جيوبهم كما هو الحال في جميع المستشفيات الحكومية القديمة والحديثة. وتَعِد المنظمة صحيفة الوطن التي أثارت هذه القضية بأن يتم استفتاء جميع سكان كوبر بعد انتهاء إجراءات التأمين الصحي ما إذا كانوا يفضلون التأمين الصحي الشامل في مستشفى الأمل أم تحويل المستشفى إلى مستشفى حكومي يعاملهم كما تعاملهم بقية مستشفيات الحكومة، وسيكون هذا الإستفتاء بمشاركة وشهادة صحيفة الوطن وغيرها وسنرى إلى أي الخـــيارين سيكون انحياز سكان كوبر.
للمزيد: http://www.emaratalyoum.com/local-section/accidents/2012-07-16-1.499298
http://www.alittihad.ae/searchresult.php?q=%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%86%20%D8%AE%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%B4

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق